صراخ وتْمَعْميع.. ألم يحن الوقت أن تتحمل الأحزاب المسؤولية في اختيار نُخبها السياسية؟
محمد منفلوطي_هبـــــــة بريس
فمع كل عملية اسقاط لمقاعد منتخبة هنا وهناك من قبل المحكمة الدستورية تماشيا ومقولة مصائب قوم عند قوم فوائد، إلا ويطفو على السطح صراع جديد بنفس جديد لملْء الفراغ، وبالتالي يشتد التنافس بطعم المصالح الشخصية على حساب الوطن ضمن مشهد سياسي مليء بالمفاجآت والحكايات الانتخابوية التي ألفها المواطنون وألفتهم، حتى أنهم وبكل بساطة كما قالها ملك البلاد في خطاب العرش الأخير، (أصبحوا) لايثــــــقون في الطبقة السياسية وبعض الفاعلين افسدوا السياسة، هذا في الوقت الذي يجب على هؤلاء السياسيين أن يقدموا أجوبة شافية وكافية ومعقولة تشفي غليل المواطنين.
إن مقاطع الفيديوهات التي تنتشر مع نهاية كل دورة لمجالس منتخبة، تثبت وبالملموس حجم “التطاحن والتدافع والتمعميم والصراخ..”، وهي المشاهد التي تفاعل معها نشطاء فايسبوكيون اغتنموا الفرصة وعبروا عن آرائهم حول هاته المشاهد التي باتت تدمي القلب وتُساءل بعض الأحزاب السياسية عن منطق اختيار نخبها لتمثيلها، لأنها في المحصلة مسؤولة أمام الله وأمام التاريخ وأمام المواطنين عن اختيار ممثليها في الاستحقاقات الوطنية…
إن سقوط العديد من الرؤوس الانتخابية هنا وهناك كأوراق الخريف اتباعا بالعديد من الأقاليم، لدليل قاطع على فشل هؤلاء في تدبير شؤون مدنهم وقراهم، مما يزكي مقولة” باك طاح من الخيمة مشى مايل”..
لاسيما وأن البعض من هؤلاء المنتخبين يحاولون دخول التجربة السياسية رغبة منهم في الوصول إلى مقاعد تضمن لهم مكانة اجتماعية لقضاء المآرب وتحقيق الذات على حساب مصالح الوطن..
ليبقى السؤال معلقا مفاده: متى ستستوعب بعض النخب السياسية الدروس من مضامين الخطب الملكية، أبرزها تلك التي قال فيها ملك البلاد في وقت سابق بالحرف: “إذا كان الملك لا يثق في هؤلاء فماذا عن الشعب.. أقول لهؤلاء كفى”..
نعم، هي خطب ملكية بحمولة ثقيلة، رأى فيها محللون سياسيون، بمثابة نقطة تحول جد هامة وضعت الممارسة السياسية المغربية في قفص الاتهام وحددت نقاط ضعفها واخفاقاتها وتجاوزات النخب السياسية التي كانت السبب في العديد من الإخفاقات وأسهمت في تعميق الهوة بين المواطن وبين المؤسسات السياسية والإدارية وعمقت الإحساس بضعف الثقة في الفاعل السياسي المغربي.
هذا الاخفاق السياسي الذي أرجعه كثيرون إلى كون بعض الأحزاب السياسية قد تحولت إلى دكاكين موسمية لتسويق التزكيات ودعم النخب والأعيان والأسر المستفيدة من الريع الانتخابي دون وضع معايير موضوعية تروم اشراك الفئات الشابة المحملة برؤية تبصرية لخلق نوع من التغيير يتماشى والتوجهات الملكية الرامية إلى جعل المغرب بلدا رائدا في الممارسة الديموقراطية.
فما نتمناه جميعا كمغاربة أن تتحمل الأحزاب السياسية المسؤولية في اختبار نخبها، بمعايير دقيقة وكفاءة علمية ورغبة في الاصلاح لرسم خارطة طريق تقود إلى ترجمة مضامين الخطب الملكية خدمة للبلاد والعباد والدفع قدما نحو تحقبق الأفضل..