الوضع في سوريا …حرب مستمرة وأفق مسدود
هبة بريس- عبد اللطيف بركة
يبقى الوضع الراهن في سوريا معقد للغاية، ويعكس تحولات سياسية وعسكرية واجتماعية مستمرة منذ اندلاع الحرب في عام 2011. يمكن تلخيص الوضع في عدة نقاط رئيسية:
1. التوازن العسكري والسياسي:
السلطة المركزية: النظام السوري، بقيادة بشار الأسد، تمكن من استعادة السيطرة على معظم الأراضي السورية بدعم كبير من حلفائه: روسيا وإيران والمليشيات التابعة لهما. لكن هناك مناطق لا تزال خارج سيطرة الحكومة، أبرزها:
الشمال الغربي (إدلب): تسيطر عليها فصائل المعارضة، بما في ذلك جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام).
الشمال الشرقي (قسد): تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة من الولايات المتحدة، والتي تضم بشكل رئيسي الأكراد.
مناطق في الجنوب: مناطق تسيطر عليها فصائل المعارضة بدعم من إسرائيل وأطراف أخرى.
التدخلات الأجنبية: التدخلات الخارجية ما زالت مؤثرة. روسيا تعتبر أبرز حليف للنظام، حيث تقدم دعماً عسكرياً مباشراً وجوياً. إيران أيضاً لها وجود عسكري ملموس في سوريا من خلال الميليشيات الموالية لها.
2. الأزمة الاقتصادية:
الاقتصاد السوري يعاني من تدهور حاد نتيجة سنوات من الحرب، العقوبات الدولية، وتدمير البنية التحتية. الأوضاع المعيشية صعبة للغاية مع ارتفاع الأسعار، وتدني مستوى الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والماء.
النفط: الحقول النفطية في مناطق الشمال الشرقي تقع تحت سيطرة قوات قسد، مما يعقد قدرة الحكومة على تأمين موارد الطاقة.
العملة المحلية: الليرة السورية شهدت تدهوراً كبيراً أمام الدولار الأمريكي، مما ساهم في تفاقم الأزمات الاقتصادية.
3. الوضع الاجتماعي والإنساني:
النازحون واللاجئون: الحرب تسببت في تهجير ملايين السوريين داخل وخارج البلاد. وتقدر الأمم المتحدة أن هناك نحو 7 ملايين نازح داخلي و5.5 مليون لاجئ في الدول المجاورة.
الدمار: معظم المدن الكبرى في سوريا، مثل حلب، دمشق، ودير الزور، دمرت أو تضررت بشكل كبير. هذا التدمير ترك آثاراً عميقة على حياة المواطنين.
4. الحلول السياسية والمفاوضات:
هناك محاولات سياسية للتوصل إلى حل، مثل تشكيل اللجنة الدستورية في 2019، لكنها لم تُفضِ إلى نتائج ملموسة حتى الآن.
موقف الدول العربية: في الآونة الأخيرة، بدأت بعض الدول العربية في إعادة تطبيع العلاقات مع الحكومة السورية، مثل الإمارات العربية المتحدة والسعودية. هذه الخطوة تهدف إلى إعادة سوريا إلى محيطها العربي، لكن لا يزال هناك تحفظات بشأن الدور الإيراني والنفوذ العسكري الروسي.
5. المسائل الإقليمية والدولية:
التواجد التركي: تركيا تسيطر على مناطق واسعة في الشمال السوري، خاصة في منطقة إدلب ومناطق أخرى، حيث تدعم فصائل المعارضة ضد النظام.
الموقف الدولي: القوى الكبرى (الولايات المتحدة، روسيا، الاتحاد الأوروبي) تلعب دوراً مهماً. الولايات المتحدة تواصل دعم قوات قسد وتفرض عقوبات على النظام السوري. روسيا مستمرة في دعم الأسد في مقابل مصالح جيوسياسية واقتصادية.
6. الآفاق المستقبلية:
الحل السياسي ما زال غامضاً، رغم بعض المؤشرات على إمكانية التوصل إلى تسوية سياسية بين الأطراف المختلفة.
التحديات الاقتصادية والاجتماعية مستمرة، مما يهدد استقرار البلاد على المدى الطويل.
وجود قوى دولية وإقليمية مختلفة قد يؤدي إلى تحولات غير متوقعة في العلاقات بين الأطراف المتنازعة.
بشكل عام، الوضع في سوريا يتسم بالجمود العسكري والتعقيد السياسي، مع استمرار المعاناة الإنسانية والمشاكل الاقتصادية الكبيرة.